حوار مع الكاتبة و الروائية فلة الأندلوسية
هل يمكن أن تحديثيننا عن الكاتبة فلة الأندلوسية و ما هي أهم إصداراتك؟
فلة الأندلوسية هي من هواة القراءة منذ الصغر لدرجة الجنون، كنت أقرأ كل الكتب التي تقع بين يديا، و ذالك منذ بلوغي سن السادسة، كما بدأت أكتب كل أحاسيسي و مشاعري من نثر و شعر على الكراريس، و في سنوات الثمانينات بدأت أكتب على كراس كنا أنذاك نسميه "كتاب الأسرار."
و تجدر الإشارة إلى أن المحيط يلعب دور مهم في مستقبل أي شخص و خصوصا الأطفال، فأن ترعرعت في محيط محب للقراءة و الكتاب بداية من الأب، الخالة، الجدة،الأم و هذا ما جعلني مدمنة على القراءة، و في سن الحادية عشر بدأت بكتابة الشعر، ثم القصص الخيالية، و هذا ما تركني مواكبة على ما أحب لأبصم اليوم على عالم الكتاب.
أضن أن المحيط و كتاب الأسرار هما ما شجعني و أعطاني عزيمة للكتابة، و يمكن القول أنني جديدة في عالم الكتاب و العكس صحيح كذالك،لأن أول إصدراتي كانت سنة 2021، تحت عنوان كاملة "بركان الأحاسيس"، و هذا الكتاب أخرجته في أعز أزمة الكورونة التي مست العالم، و في هذه الأزمة الكثير من الكتاب أبدعو و أعطو صبغتهم و أنا من بينهم وجدير بالذكر أن هناك من ليس بالميدان و لم يدرس الأدب و أنا خصيصا خريجة جامعة باب الزوار شعبة إعلام ألي ، و يوجد الكثير من الأشخاص مثلي من أبدعو في هذا المجال، و أضن أن هذه الفترة جعلت الناس ينظرون لما حولهم و يترجمونها لكتب و قصص تفيد المجتمع، و إصداري الثاني كان خلال سيلا 2023، تحت عنوان أكتب حكايتي، و هو مجموعة من شعر و خواطر.
يقال أن الكتاب الورقي تأثر بالتقدم التكنولوجي، هل هذا صحيح؟
أضن أن هذا يتطلب نقاش جد طويل، لا يمكن القول أن الكتاب الورقي يتأثر بالتقدم التكنولوجي، و لكن اليوم التكنولوجيا تعطينا عدة طرق تسهل على الكاتب أو الباحث العمل، و تقدم لنا أنماط جديدة متطورة، بما اننا في جيل يحب السرعة، اليوم التقدم التكنولوجي أعطي الفرصة لهاذا الجيل لكي لا يخسر الوقت و يطلع على الكتاب عبر البوابة الإلكترونية، في بديل تقليب الصفحات يتحصل على ما هو ألي و إلكتروني، حقا هناك إختلاف بين الكتاب الورقي الذي يعطي لنا إحساس خاص و يرغمنا على الغوص في عالم الخيال، و إشتمام رائحة الورق التي لا نجدها في ما هو ألي، أين نجد العين وحدها من تتحرك.
هل حق سنشاهد زوال الكتاب الورقي أمام الكتاب الإلكتروني
لا لن يحدث ذالك، لن يزول الكتاب الورقي أمام الكتاب الإلكتروني، هناك الكثير من الأشخاص من يحبون قرائة الكتاب الورقي، لأن الكتاب الإلكتروني لديه تأثيرات سلبية على صحة القارء، مثلا الكتاب الإلكتروني يرهق العين و هذه تجربية شخصية، كما يفقدنا التركيز، أما الكتاب الورقي العكس و يمكنك قرائته في ساعتين، كما يمكنك أخذه أينما تذهب في قاعة الإنتظار لدي الطبيب، شاطيء البحر، السيارة... و لكن الكتاب الإلكتروني لا يمكنك قرائته في كل الأماكن، و هذه نظرتي و أضن أن هواة الكتاب الورقي يتقاسمون نفس النظرة، و في العالم هناك هواة للحداثة، و هناك من يحبون العودة للأصل، و أنا عندما أمسك الكتب، و أدير الأوراق عدة ذكريات تعود لمخيلتي، أتفكر أبي و عدة أشخاص فارقونا، و هو نفس الشيء لمحبي الكتاب الورقي. وهذا ما لا نجده في الكتاب الإلكتروني و يمكنني القول أن الكتاب الإلكتروني مجرد من الأحاسيس.
فيما يخص إقبال المواطنين على الكتاب هناك من يقول هناك تراجع و هناك إندثار لثقافة القراء و المطالعة في مجتمعنا اليوم،ما هو تعليقكم على هذا؟
انا إنسانة متفائلة، ربما لست الشخص المناسب للإجابة على هذا السؤال، و لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم على أي نوع من الكتب يقبل القارء اليوم، و لا نستطيع قول إندثار ثقافة القراءة،أو غياب المطالعة، أنا دائم أعود للمحيط الذي نترعرع فيه، بداية من الأسرة الأب و الأم الذين لديهم دور في تنمي حب المطالعة لدي الطفل، و هذا يبدء في سن مبكرة جدا، حيث يمكن للأب أو الأم قراءة الكتاب للصغير رغم أنه لا يفهم و لكن هناك الإحساس الذي يشعره عند أمه، ثم بعد ذالك عند بداية الدخول المدرسي هناك كتب من القماش، و بكتابة عريضة، و صور جميلة، هذا حفاظ على الكتاب من التمزيق، إذن الطفل في عوض تربيته على التلفزيون و الهاتف النقال، سيترب على حب الكتاب، أكيد سيقبل على القراءة في المستقبل، و هذه التجربة عاشتها الكثير من العائلات و خصوصا سنوات الثمانينات و التسعينات؛ وهناك نظرية صحيحة مئة بالمئة تقول الطفل يقلد ما يراه بمحيطه، الطفل يقلد أوليائه إذا كان أوليائه يلعبون بالهاتف بدل الكتاب سيتبع الطفل نفس مسارهم،و إن كان العكس سنحصل على جيل محب للقراءة و لن يزول الكتاب الورقي.
بالحديث على التقدم التكنولوجي و ما تحققه اليوم نشاهد إستغلال سيء من بعض الأطفال و العائلات. ماهي الرسالة التي يمكنك توجيهها لهم؟
دوما نعود إلى المحيط، الإستغلال يكون منذ الصغر و هذا الدور يعود للأولياء، و ليس دور شخص أخر، عليهم وضع قوانين داخلية لتوجيه الطفل في طريقة تعامله مع هذه التكنولوجيا، و لا يجب تغير الأدوار، لأن المعلم دوره ليس تربية الأطفال بل تدريسهم البرنامج المقدم له من طرف وزارة التربية و التعليم، فالتربية تختصر على الأبوين، لكن نلاحظ اليوم الأولياء يذهبون للأشياء السهلة، مثلا بعد ساعات العمل يقدمون الهاتف للطفل لنيل قسط من الراحة، و هكذا يتم حث الطفل على العادات السيئة، و لكن بدون قصد أو توعوية، مثلا المرأة بعد دخولها من العمل تقوم بوضع الطفل أمام التلفاز، و ذالك من أجل تحظير العشاء أو القيام بالأشغال المنزلية، في البداية يكون هذا الشيء بحسن نية، لكن الطفل يبدء بالتعود على عادة سيئة، و هذا ما يخلق مشكل في المستقبل،و يصبح الطفل متعود على الألة الإلكترونية في حياته؛ و هكذا يصبح لنا جيل ترعرع على التكنولوجية فلا يمكن منعه و حرمانيه من عالمه، إذن وجب على الأولياء وضع قواعد و قوانين لبرمجة هذا الطفل مثلا ساعة تليفزيون، ساعة ألعاب إلكترونية.... إلى أخره؛ مع الحرص على ما يشاهده لأنه هناك عددة برامج تأخذه بعيدا على ما يجب أن يتربى عليه،ثم تأتي المطالعة و الكتابة،ثم تأتي مطالبة الطفل بتقديم تلخيصات، لكي تغرس فيه حب القراء و الكتابة و هذا بدون حرمانه من تلك التكنولوجية التي تعد ركيزة التطور اليوم.
ماهي مختلف المشاريع التي يمكن أن نراهي من الكاتبة فلة الأندلوسية، و هل هناك إصدارات جديدة؟
ككل كاتب و غاطس في بحر الكتابة نعم، الإصدار الجديد سيكون كاملا 2 (بركان الأحاسيس)، و أتمني أن يكون في صالون الكتاب "سيلا"، كما أنني بصدد كتابة روايتي الرابعة التي ستخرج بثلاثة لغات و هما الإسبانية، الفرنسية و العربية.
لدي عدة مشاريع فالكاتب لا يستطيع تغير حياته، كما يعلم الجميع أنني أحب العمل التطوعي و العمل في الجمعيات، فأنا بعد الكتابة تعرفت على أشياء أحببتها تلقائيا، فأنا الأن مع جمعية تريا لبلدية بوزريعة، و هي جمعية أطفالنا للمصابين بتروموزم 21، حيث أنشط كثيرا معهم، و ربما سيكون هناك جديد في السيلا بالنسبة لهؤولاء الأطفال؛ و أنا أحب حث الجمعيات على مختلف الأعمال و خصوصا الجمعيات التي تعمل في مجال الطفل و هم كثر فهناك المصابين بالتوحد، السرطا التريزوميا...إلخ؛ و لكن سيبقون أطفالنا، يحبون اللعب و لديهم الحق في العيش. وأنا أحب أن يكون هناك كتب لهؤلاء الأطفال بالخصائص التي تسمح لهم بالقراءة و المطالعة؛ هناك أيضا جمعية النور التي تتموقع في "العبادية" جمعية للأيتام؛ ككل مرة أتنقل لأقدم لهم حصص من القراءة و الكتابة؛ و هذه الجمعية لديها مكانة في حياتي بأطفالها خصوصا عندما طلب منهم ما يحتاجونه،قالو "لا نريد ألعاب بل نريد مكتبة للمطالعة؛" و الحمد لله أصبح لديهم مكتبتهم الخاصة بفضل جهود الجهات المعنية و ذوى الإحسان.
أقوم بتقديم عدة ورشات الكتابة و القراءة بعدة ولاية بطريقة تطوعية، و أحلم أن يتم غرس مكتبات بجميع الولايات من أجل بناء جيل محب للقراءة بعيد كل البعد عن هوس الألعاب الإلكترونية.
في مختلف تنقلاتي أكتشف عدة مواهب، في هذا المجال و انا عند إكتشافها، أقوم بمتابعتهم و أعمل المستحيل لكي يصبحوا كتاب، و يكون لهم إصدارات خاصة لما لا، و بما أنني روائية حلمي هو أن يعود الطفل الجزائري للمطالعة بمساعدة أوليائه، و يغرس في نفسه حب الكتاب و الكتابة؛ و لما لا هذا الحب يكون في مختلف المجلات مثل الرسم، التمثيل، الموسيقية و هذا سيساعده في حياته اليومية و تبعده عن الأشياء السيئة المتوفرة في الشارع.