في ظل أزمة السكن التي يعاني منها العديد من الجزائريين و بهدف توفير سكن لائق للمواطنين، أعلنت وزارة السكن والعمران والمدينة مؤخرا عن توقيع اتفاقية مالية هامة بين البنك الوطني للإسكان وعدد من البنوك العمومية الجزائرية. هذه الاتفاقية، التي تضم صندوق التوفير والاحتياط، البنك الوطني الجزائري، البنك الخارجي الجزائري، القرض الشعبي الجزائري، بنك التنمية المحلية، وبنك الفلاحة والتنمية الريفية، تمثل ركيزة أساسية في تمويل مشاريع "عدل 3" السكنية، التي تستهدف بناء 200.000 وحدة سكنية في الشطر الأول من البرنامج، المقرر انطلاقه هده السنة.
تأتي هذه الاتفاقية كأمل جديد للمواطنين الذين يسعون إلى الحصول على سكن لائق وبأسعار معقولة. فالتمويل المخصص لهذه المشاريع السكنية سيغطي 62% من قيمة السكن، بينما يتم تقسيم الـ 38% المتبقية على خمس دفعات يتم دفعها من قبل المستفيدين. هذه الخطوة تساهم بشكل كبير في تخفيف العبء المالي عن الأفراد الذين يواجهون صعوبة في دفع المبالغ الكبيرة دفعة واحدة.
وينتظر أن يحقق هذا التمويل نقلة نوعية في مجال السكن الاجتماعي، حيث سيمكن الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض من الاستفادة من هذه الصيغة السكنية التي كانت تبدو بعيدة المنال بالنسبة للكثيرين. وقد أقر المرسوم التنفيذي رقم 24-203 المعدل لعام 2024 شروطا جديدة لشراء المساكن بنظام البيع عن طريق الإيجار، مما يفتح المجال أمام العديد من الجزائريين للحصول على سكن اجتماعي بأسعار ميسرة.
هل ستتمكن البنوك الجزائرية من استيعاب هذا الحجم الكبير من الطلبات على التمويل؟ الإجابة تأتي على لسان رئيس الجمعية المهنية للبنوك، محند بوراوي، الذي أكد في تصريحاته الأخيرة في قناة الشروق، أن البنوك خصصت أكثر من 400 مليار دينار لدعم برنامج "عدل 3". وقال بوراوي إن هذه الخطوة جاءت تلبية للطلب المتزايد على التمويل العقاري، حيث يتوقع أن يشهد البرنامج إقبالا كبيرا من طرف المكتتبين.
ويأتي هذا الدعم في إطار التزام البنوك الجزائرية بالمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويشير بوراوي إلى أن البنوك قد تبدأ في منح قروض شخصية للمواطنين لتغطية الدفعات الأولى، خصوصا في حال وجود طلب كبير على هذه القروض. هذا التمويل يعد من الحلول المبتكرة التي ستخفف من الأعباء المالية للمستفيدين، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العديد من المواطنيين.
وفي خطوة إضافية من البنوك الجزائرية لتلبية الاحتياجات، أعلن بوراوي عن إمكانية تقديم قروض شخصية لأجراء القطاع الخاص بدون فائدة، حيث يتم خصم المبالغ المستحقة بعد انتهاء الراتب. هذه الخدمة تسهل على الأفراد تسديد الدفعات الشهرية دون اللجوء إلى القروض التقليدية ذات الفوائد المرتفعة. ويعتبر هذا نوعا من الابتكار في المنتجات المصرفية التي تواكب تطلعات المواطن الجزائري نحو الحصول على سكن دون الدخول في دائرة الديون الثقيلة.
إلى جانب دعم القطاع السكني، تواصل البنوك الجزائرية تخصيص سيولة لدعم القطاع الفلاحي، حيث ينتظر أن يتم تقديم قروض مدعمة للفلاحين عبر جميع البنوك بحلول نهاية الشهر الجاري. هذه الخطوة تندرج ضمن استراتيجية البنك المركزي الجزائري لدعم القطاعات الاقتصادية الأساسية، بما يسهم في تعزيز الإنتاج المحلي والاستغناء عن الواردات.
من خلال هذه الاتفاقية، يتم تعزيز قدرة المواطنين على امتلاك سكن اجتماعي لائق، وذلك عبر آليات تمويل مبتكرة وقروض ميسرة. هذه المبادرة قد تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في قطاع السكن والتعمير، مع الإشارة إلى أن البنوك تمتلك القدرة المالية اللازمة لدعم هذه التحولات.