مشروع إعادة تأهيل السد الأخضر، الذي أطلق رسميا في 2023 بولاية الجلفة، ليس مجرد مشروع بيئي طموح، بل يعد أيضا محركا لتحول اجتماعي واقتصادي في المناطق المعنية. وبينما تشكل حماية النظام البيئي ومكافحة التصحر قلب البرنامج، فإن البعد البشري والاقتصادي لهذه المبادرة يستحقان تسليط الضوء بشكل خاص.
واحدة من أبرز النقاط التي تميز مشروع السد الأخضر هي قدرته على توفير فرص عمل مستدامة للسكان المحليين، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من العزلة والبطالة. من خلال إشراك المجتمعات المحلية في الأنشطة المختلفة مثل التشجير، تعبئة المياه، وحماية الأراضي، أصبح المشروع مصدرا رئيسيا للوظائف في المناطق المستفيدة. هذا الإشراك يخلق نوعا من الحركية الاقتصادية، حيث لا يقتصر الأمر على توفير فرص العمل المؤقتة، بل يمتد إلى خلق بيئة اقتصادية يمكن أن تكون مستدامة على المدى الطويل.
إضافة إلى ذلك، ساهم المشروع في تقليل الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، حيث أن مشاركة السكان المحليين في هذه الأنشطة يعزز من فرص الاندماج المجتمعي وفتح قنوات جديدة للتواصل بين السلطات والمجتمع المدني. هذه الديناميكية تتيح الفرصة لتدريب الكوادر المحلية على المهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في الأنشطة الزراعية المستدامة والبيئية، وهو ما يسهم في بناء جيل من المتخصصين القادرين على مواجهة تحديات التصحر والتغير المناخي.
وفقا لتقييمات وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حقق المشروع تقدم مهم، مع تسجيل نسبة 64% من أهداف التشجير المسطرة، واستكمال أعمال حماية التربة ومعالجة السيول.
هذا المشروع الذي يهدف إلى إعادة إحياء مساحة تمتد على 4.7 مليون هكتار عبر 13 ولاية، يستهدف إلى تحسين الظروف الاقتصادية للمناطق الريفية، حيث كان له تأثير كبير على تحسين النشاط الزراعي في هذه المناطق. عبر زراعة الأشجار المثمرة وإعادة تأهيل الأراضي الزراعية، أصبح المشروع يعزز الإنتاج الزراعي ويوفر فرصا جديدة للمزارعين للاستفادة من الأراضي السهبية. هذا لم يقتصر على تحسين الحياة الاقتصادية للمجتمعات المحلية، بل كان له أيضا دور كبير في تعزيز الأمن الغذائي المحلي.
من خلال استعادة الأراضي الزراعية التي كانت عرضة للتدهور والتصحر، يساهم المشروع في تثبيت المواطنين في مناطقهم بدلا من هجرتهم إلى المدن. كما أن تشجيع الزراعة المستدامة يساهم في ضمان استدامة الموارد الزراعية ويعزز الإنتاجية، مما يخلق دورة اقتصادية متكاملة تساعد في تحقيق تنمية محلية شاملة.
بينما حقق مشروع السد الأخضر العديد من الإنجازات، إلا أن التحديات ما زالت قائمة في مجال الحفاظ على التقدم المحرز وضمان استدامة هذه الجهود. على الرغم من الجهود الكبيرة في إشراك السكان المحليين، يبقى من الضروري الحفاظ على نفس الوتيرة من المشاركة والالتزام لضمان تحقيق الأهداف المسطرة حتى عام 2030.
المشاركة المجتمعية تعتبر ركيزة أساسية في نجاح هذا المشروع، ولا بد من استمرار التعاون بين الحكومة، المؤسسات الخاصة، والمجتمع المدني من أجل ضمان استمرارية الجهود وتحقيق نتائج فعالة. كما يجب أن تشمل هذه المشاركة مجالات أخرى مثل تحسين البنية التحتية، وتوفير خدمات أساسية أخرى تدعم عملية التنمية المستدامة.