مشروع القانون المعدل لقانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها يعد من بين أهم الإصلاحات البيئية التي قدمتها الجزائر لمواجهة التحديات البيئية المتزايدة. خلال جلسة انعقدت بمجلس الأمة يوم أمس الإثنين 19 جانفي و برئاسة صالح قوجيل، استعرضت وزيرة البيئة وجودة الحياة، نجيبة جيلالي، الخطوط العريضة لهذا المشروع الذي يهدف إلى بناء نظام بيئي يعتمد على التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
يرتكز القانون على إدخال مبادئ الاقتصاد الدائري لأول مرة في التشريع الجزائري. هذه الرؤية تسعى إلى تغيير الطريقة التقليدية للتعامل مع النفايات من خلال تعزيز مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج. هذا المفهوم يلزم المنتجين بضمان تثمين النفايات الناتجة عن منتجاتهم، مما يحولها من عبء بيئي إلى مورد اقتصادي.
كما يشجع القانون على تبني التصاميم الإيكولوجية، التي تهدف إلى تقليل الآثار البيئية من خلال تحسين تصميم المنتجات واستخدام مواد صديقة للبيئة. الهدف منها تقليل النفايات قبل أن تولد.
من بين النقاط البارزة التي أتى بها المشروع، هو إدخال نظام رقمنة شامل لتسيير النفايات. هذا النظام يتيح تتبع دورة حياة النفايات بدءا من مصدرها وصولا إلى عمليات التثمين أو الإزالة النهائية. الرقمنة ليست مجرد أداة لتحسين الكفاءة، بل تعدّ أساسا لبناء قاعدة بيانات وطنية تساعد في التخطيط المستقبلي واتخاذ قرارات تستند إلى معطيات دقيقة.
القانون الجديد يولي اهتماما خاصا بمكافحة التلوث البلاستيكي، حيث يسعى إلى التخلص التدريجي من المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد. في هذا الإطار، ستطبق آليات تحفيزية موجهة للمستهلكين للمشاركة في جمع النفايات الانتقائي.
على صعيد آخر، يشمل النص مراجعة شاملة للعقوبات الجزائية المتعلقة بتسيير النفايات، حيث أصبحت أكثر صرامة ووضوحا، ما يبعث برسالة قوية لمواجهة المخالفات التي تضر بالصحة العامة والبيئة.
مشروع القانون المعدل لا يهدف فقط إلى إدارة النفايات بشكل أفضل، بل يطمح إلى تغيير سلوكيات المجتمع وتعزيز ثقافة المسؤولية البيئية بين الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
ختاما، مع التصديق على هذا المشروع في ديسمبر الماضي، يتيح القانون الفرصة لتحقيق قفزة نوعية نحو مستقبل بيئي أفضل يدعم الصحة العامة ويوفر حياة مستدامة للأجيال القادمة.
كتذكير، في الشهر الماضي، تطرقت جيلالي خلال جلسة علنية في المجلس الشعبي الوطني إلى الأسئلة والانشغالات المتعلقة بمشروع القانون. وفيما يتعلق بالنفايات المنزلية ونظيراتها، عرضت الوزيرة أبرز إنجازات القطاع، بما في ذلك القضاء على العديد من المفرغات العشوائية وإعادة تأهيلها في ولايتي وهران وتقرت. كما تم إتمام بناء 24 محطة لمعالجة عصارة النفايات من أصل 34 محطة كانت مخططا لها، فيما تواصل أعمال بناء 10 محطات أخرى في ولايات الساحل والهضاب العليا.