يقترب حلول شهر رمضان حاملا معه رهبة خاصة في قلوب الجزائريين، بسبب التحديات الاقتصادية التي يفرضها. فكل عام، يجد المواطن نفسه أمام معادلة صعبة: كيف يمكنه تلبية احتياجات أسرته اليومية في ظل ارتفاع الأسعار التي تبدو وكأنها تقليد سنوي في هذا الشهر الفضيل؟
على سبيل المثال، لا جدال في أن سعر الحشيش المقطفة (الكزبرة أو البقدونس) المستخدم بشكل أساسي في تحضير طبق الشوربة سيشهد طلبا كبيرا طوال الشهر الكريم. وكما نشاهد كل موسم، يتسابق المواطنون لشراء "ربطة الحشيش"، التي عادة ما تصبح نادرة في الأيام الأولى. سعرها، الذي لا يتجاوز 20 دج خلال باقي أيام السنة، يقفز بشكل رهيب ليصل إلى 60 أو حتى 70 دج في رمضان، شهر الرحمة.
وبالإضافة إلى ربطة الحشيش، تعرف الخضروات مثل "القرعة" (الكوسة) و"الطماطم" ارتفاعا ملحوظا في أسعارها، بسبب ارتباطها المباشر بالأطباق التي تحضرها كل العائلات الجزائرية، مثل الحريرة، الحساء، وأكيد الشوربة ما يجعل ملء سلة المشتريات تحديا يوميا للمواطن البسيط.
أما الفواكه الجافة، فقصتها قصة أخرى. فهي عنصر رئيسي في أطباق رمضانية شهيرة مثل "اللحم لحلو" أو لإعداد طبق المسفوف "الكسكس" لفترة السحور. ومع ارتفاع أسعارها بشكل كبير، تصبح رفاهية يصعب على الكثيرين تحملها.
وبالنسبة للحوم، سواء الحمراء أو البيضاء، يفضل العديد من الجزائريين شراءها وتجميدها قبل بداية الشهر لتجنب الأسعار التي تصل إلى مستويات غير معقولة أثناء رمضان. فنتساءل ما إدا كان الإعلان الدي صرحت به مؤخرا الجزائرية للحوم الحمراء مؤخرا عن وصول دفعة جديدة من لحوم الأبقار الطازجة المستوردة من إيطاليا بأسعار لا تتجاوز 1200 دج سيساهم في خفض الأسعار المحلية للحوم وتحقيق استقرار في السوق خلال الشهر الفضيل؟.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يتكرر كل عام سيناريو نقص المواد الأساسية، مثل الزيت والدقيق، حتى الحبوب الجافة مثل الحميصة اليابسة "الحمص"، ما يضيف مزيدا من القلق إلى أعباء المواطنين، الذين يتساءلون عن قدرة السوق على توفير هذه المواد بأسعار تناسب جميع الشرائح الاجتماعية. و قد تطرق وزير التجارة الطيب زيتوني اليوم الثلاثاء 21 جانفي، إلى متابعة عمليات طحن القمح الصلب الموجه للسميد، مع الإبقاء على حصة إضافية تقدر بـ 20% من القدرات الإنتاجية، مع مراقبة توزيعه عبر الولايات لضمان التوزيع العادل. فهل ستنجح هذه الإجراءات في تفادي نقص السميد خلال رمضان؟.
وسط هذه التحديات و التساؤلات، يبقى الأمل معقودا على أن يكون شهر رمضان هذه السنة مختلفا، ليحمل معه رحمة، ليس فقط في الروحانيات، بل أيضا في الحياة اليومية للمواطن.