الاحتفال باليوم العالمي للبيتزا: من نابولي إلى الجزائر

في التاسع من فيفري من كل عام، يحتفل العالم بـ"اليوم العالمي للبيتزا"، وهو مناسبة لتكريم هذا الطبق الإيطالي الشهير الذي تجاوز حدوده الأصلية ليصبح جزءا لا يتجزأ من ثقافات الطهي في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الجزائر.
تعود جذور البيتزا إلى مدينة نابولي الإيطالية في القرن الثامن عشر، حيث كانت تعد كوجبة بسيطة للفقراء، تتألف من عجينة مغطاة بالطماطم والجبن، وتخبز في أفران خشبية.
مع مرور الوقت، انتشرت البيتزا في جميع أنحاء إيطاليا، ثم عبرت المحيط لتصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع موجات الهجرة الإيطالية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. هناك، تطورت البيتزا لتأخذ أشكالا ونكهات متنوعة، مما ساهم في انتشارها عالميا.
وصلت البيتزا إلى الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي (1830-1962)، حيث جلب المستوطنون الفرنسيون والإيطاليون هذا الطبق معهم. في البداية، كانت البيتزا تعتبر طعاما أوروبيا، مقتصرا على الجاليات الأجنبية وبعض النخب المحلية. ومع مرور الوقت، بدأت البيتزا تشق طريقها إلى قلوب الجزائريين، خاصة في المدن الكبرى مثل الجزائر العاصمة، وهران وقسنطينة.
في السبعينيات والثمانينيات، شهدت الجزائر افتتاح العديد من المطاعم التي تقدم البيتزا، ومع زيادة التبادل الثقافي والانفتاح على العالم، أصبحت البيتزا جزءا من المشهد الغذائي الجزائري.
اليوم، يمكن العثور على البيتزا في كل زاوية، من المطاعم الفاخرة إلى الأكشاك الشعبية. البيتزا المربعة هي لمسة جزائرية فريدة من بين التنويعات التي تميز الجزائرو المعروفة بإسم "بيتزا كاري"، وهي نوع من البيتزا يقدم بشكل مربعات صغيرة، مما يجعلها مثالية للمشاركة والتناول أثناء التنقل.
تعد هذه البيتزا جزءا من التراث الغذائي الشعبي، وتتميز بعجينة سميكة نسبيا وصلصة طماطم غنية، مع طبقة من الجبن والمكونات الأخرى مثل البقدونس، الزيتون والفلفل الحار.
تباع البيتزا المربعة في العديد من المحلات والأسواق الشعبية، وتعتبر خيارا مفضلا للعديد من الجزائريين، خاصة خلال فترات الاستراحة والعمل. يعود تاريخ هذا النوع من البيتزا إلى عقود مضت، حيث كانت تعد كوجبة سريعة ومغذية للعمال والطلاب خاصة و أن سعرها المقدر بـ 20 و 15 دج في متناول الجميع.
سجل سوق البيتزا في الجزائر تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث شهدت البلاد ارتفاعا ملحوظا في عدد مطاعم البيتزا. في جانفي 2025، أظهر تقرير موقع "رنتك ديجيتال" أن هناك حوالي 2,979 مطعما متخصصا في تقديم البيتزا، وهو ما يمثل زيادة تقدر بنحو 12.5% مقارنة بعام 2023. من بين هذه المطاعم، الغالبية العظمى منها، 2,954 مطعما، تديرها مشاريع فردية، بينما هناك فقط 25 مطعما مرتبطا بسلاسل عالمية أو علامات تجارية كبيرة. كما أن مدينة الجزائر تتصدر المدن الجزائرية في عدد هذه المطاعم، تليها وهران وسيدي بلعباس.
بالإضافة إلى الأرقام المتعلقة بزيادة المطاعم، سيكون من المفيد الإشارة إلى تأثير منصات التوصيل مثل "ياسر" أو "جمية فود"، التي سهلت الوصول إلى البيتزا للعديد من العائلات والشباب العاملين، هذا الاتجاه تعزز مع جائحة كوفيد-19، حيث زاد الاعتماد على خدمات التوصيل والطلبات عبر الإنترنت.
على منصات التواصل الاجتماعي أصبحت البيتزا موضوعا شائعا بين الجزائريين في حين يشارك المستخدمون صورا ومقاطع فيديو لوصفاتهم المفضلة، بالإضافة إلى تقييمات لأفضل محلات البيتزا في البلاد. على سبيل المثال، نشر أحد المستخدمين على تيك توك تجربة تناول البيتزا كاري في أحد أحياء باب الواد، مما جذب انتباه العديد من المشاهدين. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم العديد من المحلات والمطاعم منصات التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتها والتفاعل مع الزبائن، مما يعزز حضور البيتزا في المشهد الرقمي لبلادنا.
و في نفس السياق، احتضنت الجزائر فعاليات دولية تحتفي بالبيتزا، مثل "الأيام الدولية للبيتزا والباستا" التي نظمت في الجزائر العاصمة، بمشاركة طهاة من مختلف أنحاء العالم. هذه الفعاليات تعكس الاهتمام المتزايد بهذا الطبق وتعزز مكانته في الثقافة الغذائية للوطن.
في أوت 2024، استضافت الجزائر العاصمة النسخة الثانية من المهرجان الدولي للبيتزا والباستا في منتزه الصابلات، حيث شارك طهاة من خمس دول، بما في ذلك الجزائر، تونس، ليبيا، إيطاليا، وفرنسا. تضمنت الفعالية مسابقات في إعداد البيتزا والباستا، بالإضافة إلى ورش عمل وعروض طهي حية.
كما ساهمت صناعة البيتزا في الجزائر في خلق العديد من فرص العمل، سواء في مجال الإنتاج أو التوزيع. و عززت في تنشيط قطاع السياحة، حيث يقبل السياح على تجربة المأكولات المحلية، بما في ذلك البيتزا الجزائرية. بالإضافة إلى ذلك، أدى انتشار محلات البيتزا إلى دعم الاقتصاد المحلي من خلال شراء المكونات المحلية وتوظيف العمالة المحلية. كما أن تنظيم الفعاليات والمهرجانات المرتبطة بالبيتزا يساهم في تعزيز السياحة وجذب الزوار من داخل وخارج البلاد.