قمة عربية أخرى في القاهرة ! لماذا ، ما الهدف منها ؟

استدعى الرئيس المصري بشكل عاجل قمة عربية في العاصمة المصرية، و ذلك بناءً على طلب من الدولة الفلسطينية، و جاء هذا الإجراء بعد تصريح دونالد ترامب بتحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا" (منتجع سياحي) ، و إعادة توطين الفلسطينيين في الدول المجاورة، جزءًا في مصر والجزء الآخر في الأردن.
كان من الضروري أن تتشاور الدول العربية وتبني موقفًا موحدًا تجاه هذه الخطوة التي تشبه التطهير العرقي، و على الرغم من رفض الدول الثلاث المعنية بشكل قطعي و مباشر (فلسطين، مصر، والأردن) لهذه الفكرة الغريبة، إلا أنه لا يجب الاستهانة بتصريحات الرئيس الأمريكي التي أعلنها أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي استقبل بحفاوة في البيت الأبيض لأول مرة منذ تنصيب ترامب.
صرح دونالد ترامب ،بأن لديه الوسائل لإجبار الدول العربية على قبول سياسته ، و بمعنى آخر، سوف يقوم بتطبيق الضغوط اللازمة (مالية، دفاعية، اقتصادية...) لإقناعها.
و من غير المجدي التذكير بأهمية «الحماية» الأمريكية للممالك الخليجية في جميع المجالات، وخاصة فيما يتعلق بإيران و أيضًا المساعدات الكبيرة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى دول أخرى في المنطقة ، و هذا ما جعل هذه الدول لا تتجرأ على الدخول في صراع مفتوح ضد الولايات المتحدة ورغباتها، حتى من أجل القضية الفلسطينية النبيلة.
و من جهة أخرى جميع الدول العربية تخشى ردود فعل شعوبها، التي لن تقبل بالديكتات الأمريكية وتعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الخاصة ،و بالتالي هذا التباعد بين الشعوب وحكامها هو جوهر الصراع.
كانت "اتفاقيات إبراهيم" ، التي بناها التحالف الأمريكي الإسرائيلي، تهدف إلى جذب المملكة العربية السعودية في المقام الأول، بينما كانت الدول الأخرى مجرد ديكور، والعديد منها قام "بتطبيع" علاقاته مع إسرائيل على الرغم من معارضة شعوبها، كما حدث في المغرب .
و لكن،و في اللحظة الأخيرة تراجع الملك محمد بن سلمان، وأعلن أنه لن يوقع على هذه الاتفاقيات إلا بشرط إنشاء دولة فلسطينية أولاً ! و هذا التغيير المفاجئ في الموقف يعود بالتأكيد إلى تقييم العواقب الخارجية، وخاصة الداخلية، التي قد تهدد استقرار المملكة ، و على الرغم من تميز العلاقات السعودية الأمريكية، إلا أن الملك محمد بن سلمان لم يكن مستعدًا للمخاطرة بمملكته في لعبة شبيهة للعبة "روليت روسية"، و هذا ما دفعه إلى الحفاظ على موقفه ورفع الكرة إلى الملعب الأمريكي.
ستعقد قمة عربية في القاهرة يوم 28 فيفري 2025، وسيكون لها ميزة توضيح مواقف الدول المختلفة تجاه هذا الملف. لكنها ستكون في الغالب قمة إعلامية، وستشهد جميع الشعوب العربية المواقف التي يتخذها حكامها،سواء حضروا أو تغيبوا.
و سيتعين على القادة العرب تحمل مسؤولياتهم دون القدرة على "اللعب بالكلمات"، حيث سيتعين عليهم الإجابة على هذا السؤال : هل يقبلون أو يرفضون سياسة التطهير العرقي التي تعدها الولايات المتحدة وإسرائيل ؟ و مع كل العواقب التي ستترتب على المنطقة ؟
و إذا فشلت القمة في إصدار بيان واضح يرفض الاقتراح الأمريكي، ويؤكد حل الدولتين كشرط مسبق لأي تطبيع مع إسرائيل، فمن المؤكد أن جامعة الدول العربية ستكون ميتة ومدفونة .