تعديل أسعار القهوة في الجزائر: بين التسعيرة الرسمية و واقع الأسواق

اعتمدت السلطات نظام تسعير مزدوج للقهوة، ليحل محل التسعيرة الموحدة التي كانت مطبقة سابقا، وفقا لقرار وزاري مشترك نشر في العدد 11 من الجريدة الرسمية. يهدف هذا الإجراء إلى مراعاة خصوصيات العاملين في القطاع، خاصة أصحاب الورشات الصغيرة، مع توفير آلية أكثر دقة لاحتساب التكاليف الحقيقية للقهوة و تحديد هامش الربح. كما يسعى إلى تعديل و استكمال أحكام القرار الوزاري المشترك الصادر في 25 أوت 2024، لضمان شفافية أكبر في تسعير هذه المادة الأساسية.
وفقا للقرار الصادر بتاريخ 16 جانفي الماضي، الذي وقعته كل من وزارة التجارة الداخلية و ضبط السوق الوطنية و وزارة المالية، تم تقسيم الأسعار إلى فئتين:
القهوة المخصصة لإعادة البيع على الحالة: حدد سعر القهوة الخضراء "روبيستا" عند 459.70 دج للكيلوغرام، بينما بلغ سعر القهوة الخضراء "أرابيكا" 646.74 دج للكيلوغرام.
المنتجات المتأتية من القهوة الخضراء المستوردة: حدد سعر القهوة المحمصة و/أو المطحونة "روبيستا" عند 748.16 دج للكيلوغرام، في حين بلغ سعر القهوة المحمصة و/أو المطحونة "أرابيكا" 935.20 دج للكيلوغرام.
في هذا السياق، تحدثنا مع عدد من المهنيين العاملين في القطاع. م.حمزة 38 سنة، مالك لمحل تقديم القهوة بالجزائر العاصمة، أوضح أن القهوة لا تزال تشترى بالأسعار السابقة، مشيرا إلى أن الغالبية تقدم فنجان القهوة بسعر 50 دج. وقال: "يمكننا مراجعة الأسعار وفقا لتطبيق القيمة عند اقتنائنا لمادة القهوة".
أما محمد، وهو مسير لمحل بيع القهوة بولاية غرداية، فقد أكد أن سعر "روبيستا" في الولاية يصل إلى 1000 دج للكيلوغرام، بينما أفاد نسيم، و هو عامل في محل آخر بولاية الأغواط، أن سعر القهوة "روبيستا" المحمصة و المطحونة هناك يبلغ 1400 دج للكيلوغرام.
في ولاية وهران، تحدثنا مع سمير، و هو صاحب ورشة تحميص صغيرة، الذي أوضح أن الأسعار في المنطقة تتراوح بين 1100 و1300 دج للكيلوغرام، مشيرا إلى أن التسعيرة الجديدة قد توفر بعض الاستقرار في القطاع داته.
في المقابل، يعتبر بعض المستهلكين أن الأسعار الحالية مبالغ فيها مقارنة بقدرتهم الشرائية، ما يدفعهم إلى تقليل استهلاكهم لهذه المادة الأساسية.
في إطار هذا النظام، تتكفل الدولة بتغطية الفارق بين سعر التكلفة الحقيقي للقهوة و سعر البيع الأقصى المحدد، مما يضمن استقرار السوق المحلي و حماية مصالح المستهلكين. كما تم تعديل آلية احتساب سعر التكلفة الحقيقية، لتشمل، إلى جانب مصاريف الاستغلال مثل سعر الاستيراد بالعملة الأجنبية و الوطنية، تكاليف التأمين والشحن، وكذلك "تكلفة الكميات الضائعة" خلال عمليات التحميص و الطحن، و التي يمكن أن تصل إلى 20% كحد أقصى من الوزن الإجمالي للقهوة.
رغم أن التسعيرة الجديدة تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصالح التجار و المستهلكين، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن تفاوت كبير بين الأسعار الرسمية و تلك المعتمدة في الأسواق المحلية. هذا الفارق يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذا النظام على فرض نفسه عمليا، خاصة في ظل استمرار ارتفاع تكاليف الاستيراد و الاختلافات الجهوية في الأسعار.