مستقبل الصيرفة الإسلامية في الجزائر..هل تكون الصكوك نقطة التحول؟

قال خبراء ماليون إن النظام المالي الإسلامي في الجزائر يشهد تطورا متسارعا، حيث تفتح الإصلاحات الأخيرة آفاقا جديدة أمام القطاع، خاصة مع قرب إطلاق الصكوك السيادية، التي تمثل أداة تمويلية بديلة كرسها قانون المالية لسنة 2025. و أضافوا أن هذا التطور يأتي في سياق جهود الحكومة لتعزيز النظام البيئي للصيرفة الإسلامية، التي باتت تشكل جزءا متزايدا من السوق المصرفي الوطني.
شهدت الجزائر العاصمة، يوم 20 مارس، ندوة نقاشية نظمتها جمعية خريجي معهد تمويل التنمية للمغرب العربي (إيفيداس)، بمشاركة مختصين في المالية و البنوك. الحدث، جمع شخصيات بارزة من القطاع، على رأسهم رئيس الجمعية أحمد حفطاري، الذي قال إن هذا اللقاء السنوي يشكل فرصة لتعزيز تبادل الأفكار و الآراء بين مختلف الأجيال الفاعلة في مجال المالية و التأمينات.
خلال الندوة، قال المشاركون إن الصكوك السيادية ستشكل تحولا هاما، ليس فقط كأداة استثمارية للمؤسسات المالية الإسلامية و التقليدية على حد سواء، بل أيضا كوسيلة لتحريك عجلة التنمية الاقتصادية و تمويل مشاريع البنية التحتية.
في هذا السياق، قال سفيان مزاري، رئيس قسم الصيرفة الإسلامية بالقرض الشعبي الجزائري و عضو الجمعية، إن إطلاق الصكوك السيادية من قبل الخزينة العمومية يمثل خطوة أساسية في بناء بيئة مالية إسلامية متكاملة. كما كشف عن خطط مستقبلية لإصدار "صكوك مؤسساتية" (Sukuks Corporate)، و التي ستمكن الشركات الخاصة من تمويل مشاريعها عبر أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
و أضاف مزاري أن المالية الإسلامية في الجزائر سجلت نموا ملحوظا، حيث ارتفعت حصتها إلى 6% من إجمالي السوق المصرفي الوطني، مع ودائع تناهز 900 مليار دينار جزائري، ما يعكس تزايد اهتمام المستثمرين و الأفراد بهذا النموذج التمويلي.
من جهته، شدد هشام القاسمي الحسني، مدير التوجيه ببنك السلام الجزائر، على أهمية الصكوك الإسلامية كأداة تمويل مبتكرة توفر بديلا فعالا عن الأدوات التقليدية. و أوضح أن هذه الصكوك ستتخذ أشكالا متنوعة تشمل صكوك الإجارة، المشاركة، المرابحة، المضاربة، السلم و الاستصناع، بما يتماشى مع التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال.
و بحسب المادة 179 من قانون المالية لسنة 2025، فإن الخزينة العمومية ستكون مخولة بإصدار صكوك سيادية، مما يتيح للأفراد و المؤسسات فرصة المشاركة في تمويل المشاريع العامة ذات الطابع التجاري. كما يتضمن القانون إعفاء ضريبيا لمدة خمس سنوات على الدخل الناتج عن هذه الصكوك، بالإضافة إلى إعفاءات من رسوم التسجيل و الإشهار العقاري، ما يجعلها أداة استثمارية جذابة.
في ختام اللقاء، أكد المشاركون على الدور المحوري الذي يلعبه معهد تمويل التنمية للمغرب العربي في تعزيز قطاع المالية الإسلامية، حيث يعد منبرا أكاديميا رائدا يجمع بين الجزائر و تونس منذ إنشائه عام 1981. و قد ساهم في تكوين أكثر من 2224 خبيرا ماليا، يشغل العديد منهم مناصب قيادية في القطاع البنكي و التأميني بمختلف دول المنطقة.