توتر متجدد بين الهند و باكستان رغم إعلان وقف إطلاق النار

رغم إعلان اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار بين الهند و باكستان يوم أمس 10 ماي، سرعان ما عادت أجواء التوتر لتخيم على الحدود، وسط تبادل للاتهامات بخرق الهدنة من الطرفين.
الإعلان الرسمي للهدنة لم يكن كافيا لتهدئة الأوضاع، إذ سجلت مساء نفس اليوم طلقات نارية قادمة من الجانب الباكستاني في مناطق مختلفة على طول حدود جامو، وفقا لما أكدته قوات الأمن الحدودية الهندية. و قد ردت القوات الهندية على تلك الطلقات، ما زاد من هشاشة الاتفاق المعلن.
جاء الإعلان عن التفاهم بعد أربعة أيام من اشتباكات مسلحة على طول خط المراقبة في كشمير، أسفرت عن سقوط قتلى و جرحى من الجانبين، فضلا عن تدمير منشآت و ممتلكات مدنية.
و في تصريح رسمي، أكد وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، أن الاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار "بأثر فوري"، موضحا أن هذه الخطوة لا تمثل اتفاقا جزئيا، بل هي "تفاهم كامل" بين الهند و باكستان. و أضاف دار أن "هذا القرار يعد بمثابة بداية جديدة، و نحن مستعدون للعمل على بناء الثقة بين البلدين".
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الهندية أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في الساعة الخامسة مساء بتوقيت نيودلهي، في وقت كان فيه الوضع على الحدود يزداد تعقيدا، ما يجعل هذا الإعلان نقطة تحول هامة في مسار العلاقات بين الدولتين.
غير أن هذا "التفاهم الكامل" لم يصمد طويلا. فبعد ساعات فقط من دخوله حيز التنفيذ، خرجت تصريحات من نيودلهي تتهم إسلام آباد بانتهاك الاتفاق، مشيرة إلى أن الجيش الهندي تلقى أوامر بـ"الرد الحازم" على أي خرق مستقبلي. في المقابل، ردت باكستان بأنها ملتزمة بالهدنة، لكنها تتهم الهند ببدء الاستفزازات المسلحة في أكثر من موقع على طول الحدود.
و أفاد مصدر من وزارة الخارجية الهندية، نقلت عنه شبكة CNN، أن "وقف إطلاق النار ليس مشروطا، و قد جاءت المبادرة من الجانب الباكستاني"، مضيفا أن "اتفاق تقاسم المياه بين البلدين لا يزال معلقا"، في إشارة إلى توتر أوسع يتجاوز الاشتباكات المباشرة.
في مدينة أمريتسار الهندية الحدودية، بدأ السكان صباح الأحد يعودون تدريجيا إلى حياتهم اليومية، وسط أجواء من الحذر و القلق. و كانت هذه المدينة قد تأثرت بشكل مباشر خلال الأيام الماضية بسبب القصف المتبادل، ما دفع السلطات إلى إطلاق صفارات الإنذار و تحذير السكان من الاقتراب من المناطق الحدودية.
و تعود جذور التوتر بين الجارتين إلى ملف إقليم كشمير، المقسم بينهما والمتنازع عليه منذ عقود. فبينما تتهم نيودلهي إسلام آباد بدعم مجموعات مسلحة تنفذ عمليات داخل كشمير الهندية، تؤكد باكستان أنها تساند "الحق المشروع للكشميريين في تقرير مصيرهم".
من جهة أخرى، لقي اتفاق وقف النار ترحيبا دوليا، إذ عبر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن سروره بهذا التقدم عبر حسابه الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أنه "بعد ليلة طويلة من المحادثات بوساطة الولايات المتحدة، يسعدني أن أعلن أن الهند و باكستان قد وافقتا على وقف كامل و فوري لإطلاق النار".
و أشار ترامب إلى أن هذا الاتفاق لم يكن فقط نتيجة للوساطة الأمريكية، بل كان أيضا ثمرة للمنطق السليم الذي استخدمه الطرفان في اتخاذ هذه الخطوة. و قال أيضا: "هنيئا للبلدين على استخدامهما الذكاء المبهر في هذا السياق".