في مجلس الأمن.. الجزائر ترفع صوتها لأجل غزة: “لقد انتهى زمن التردد. آن أوان الفعل”

في بيان مؤثر و صارم، خاطب الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، يوم أمس 29 ماي، مجلس الأمن الدولي، داعيا إلى تحرك فوري و فعال لوضع حد للجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
و في جلسة خصصت لمناقشة الوضع في فلسطين، قال بن جامع بلهجة حاسمة: "الجزائر تتحمل مسؤولياتها كاملة، و لن تقف مكتوفة الأيدي. لقد انتهى زمن التردد. آن أوان الفعل."
و سلط الدبلوماسي الجزائري الضوء على أرقام صادمة لحصيلة العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث قتل الاحتلال أكثر من 54 ألف شخص، و جرح أكثر من 123 ألفا. و لفت إلى أنه منذ 18 مارس فقط، ارتقى أكثر من 3.900 شهيد، و أصيب أكثر من 11 ألفا بجروح متفاوتة.
ثم تساءل بن جامع بأسى: "كم من شهيد يجب أن يضاف إلى القائمة قبل أن يتحرك هذا المجلس؟ كم من يتيم آخر يجب أن يبحث عن مأوى وسط أنقاض غزة؟ كم من الدماء يجب أن تراق قبل أن نعترف بأننا تجاوزنا كل الخطوط الحمراء؟"
و تابع : "الأرقام لم تعد تعبر عن الواقع. هل من المجدي أن نقول إن 18 ألف طفل استشهدوا؟ هؤلاء ليسوا مجرد إحصاءات، بل كانوا أرواحا تنبض، أحلاما صغيرة، ضحكات في فصول الدراسة، و أغاني الطفولة التي أسكتت إلى الأبد. لقد كانوا الدفء في البيوت، و النور في الأزقة، و الفرح في المدارس."
و أكد أن استهداف الأطفال لم يكن عرضيا، بل نتيجة منطق استعماري عنصري لا يرى في الفلسطينيين بشرا متساوين في الإنسانية، بل كائنات يمكن التخلص منها بلا حساب.
و استحضر بن جامع مأساة الطبيبة المتخصصة في طب الأطفال، آلاء النجار، التي فقدت تسعة من أطفالها، تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و اثني عشر عاما، إثر قصف طال منزلها، بينما كانت تحاول التعرف على رفاتهم المتفحمة وسط انهيار عائلتها: زوج في غيبوبة، و طفل عاشر مصاب بجروح خطيرة.
و حرص بن جامع على عرض صورة لأولئك الأطفال أمام مجلس الأمن، في محاولة لإيصال عمق الفاجعة لمن لا يزالون يتعاملون معها كأرقام أو أخبار عابرة.
كما استحضر قصة الطفلة "وردة الشيخ خليل" ذات الستة أعوام، التي أنقذت من نيران اشتعلت في مدرستها التي تحولت إلى مأوى للنازحين، بعد أن قتلت والدتها و إخوتها، و بات والدها يصارع الموت.
و أضاف بن جامع: "لا أحد في غزة في مأمن... لا الأطباء، لا النساء، لا الأطفال، لا النازحون. حتى الأمل نفسه لم يسلم."
و في سياق كلمته، ذكر بن جامع بأن الأمم المتحدة، و على رأسها الجمعية العامة و مجلس الأمن، سبق أن وعدت الفلسطينيين بدولة مستقلة ذات سيادة و عاصمتها القدس الشريف، لكن الحلم يتلاشى اليوم تحت أنقاض الاحتلال، بعد أكثر من ثلاثة عقود على اتفاقيات أوسلو التي لم تثمر سوى المزيد من الاستيطان و الإفلات من العقاب.
و أوضح أن الاحتلال يستغل هذا الإفلات لتوسيع الاستيطان، و ممارسة العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، و استباحة الأرض و المقدسات على مرأى من العالم.
كما نقل بن جامع تصريحا للرئيس عبد المجيد تبون، جاء فيه: "علينا أن نتحرك بحزم لوضع حد لهذا الظلم التاريخي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، و أن نعيد بعث مسار السلام الذي وصل إلى طريق مسدود. من الضروري إلزام القوة المحتلة باحترام قرارات الأمم المتحدة و الوفاء بالتزاماتها."
و ختم بن جامع كلمته بدعوة واضحة إلى حل جذري و شامل للنزاع، قائلا: "الفلسطينيون، مثلهم مثل بقية شعوب الأرض، لهم الحق في الحياة، في الكرامة، و في وطن. لا يجوز أن يعاملوا كاستثناء."