ظاهرة قطع الإنترنت في الجزائر…هل تعود مع امتحانات البكالوريا هذا العام؟
Réveil d'Algérie | Quotidien National d'Information - Retrouvez les dernières actualités, analyses, et reportages sur l'Algérie et le monde. Suivez l'évolution politique, économique, et culturelle du pays avec notre journal de référence.
منذ تسع سنوات ، تلجأ السلطات في الجزائر إلى قطع الإنترنت تزامنًا مع إجراء امتحان البكالوريا "باك"، وهو ما يثير موجة سخط وسط الجزائريين، بسبب هذا الإجراء رغم الوعود بعدم اللجوء إلى هذه الإجراءات أيام الامتحانات.
و يعود إجراء قطع الإنترنت، منذ عام 2016 بعد فضيحة تسريب أسئلة المسابقات في دورة ماي 2015، أطلق عليها الجزائريون حادثة "مولات الكوات " ، ومنذ ذلك الحين أصبح تقليدًا سنويًا، رغم وعود المسؤولين بعدم اللجوء إليه في السنوات الأخيرة.
ففي عام 2022، تدخل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ووعد بعدم قطع الإنترنت خلال الامتحانات مستقبلاً، بل وزاد على ذلك بأنه مراكز إجراء الامتحانات ستُزوّد بوسائل عصرية تمنع الغش بواسطة الإنترنت، و لكن التزمت القطاعات المعنية بهذا الإجراء الصمت، ولم تقدم بيانات توضّح فيه للمواطنين إن كانت ستحجب عنهم هذه الخدمة العمومية.
و لكن هذا الوعد لم يتحقق، حيث استمر قطع الإنترنت خلال امتحانات البكالوريا.
كانت ردود الفعل في الشارع الجزائري كانت غاضبة وواسعة، حيث اعتبر كثيرون أن قطع الإنترنت يمثل "عقوبة جماعية" تؤثر على جميع المواطنين، وليس فقط الطلاب، لما يسببه من تعطيل للخدمات الإلكترونية والتعليم عن بعد والقطاع المالي والمصرفي، إضافة إلى خسائر اقتصادية كبيرة تلحق بالشركات والاقتصاد الوطني بشكل عام.
و اعتبر البعض هذه الإجراءات بأنه تصرف ناجم عن "دولة الكهول"، وتطلق هذه العبارة في الجزائر للدلالة على الرجعية والتخلف وعدم التمكن من التكنولوجيا والتطور.
الأسباب قطع الإنترنت الرسمية والحجج التقنية...
تعتمد السلطات الجزائرية على حجتين رئيسيتين لتبرير قطع الإنترنت أثناء امتحانات البكالوريا:
-تروج السلطات أن الإنترنت يُستخدم لتسريب الأسئلة أو لتواصل الطلاب عبر وسائل التواصل الإجتماعي،لكن حتى في ظل الحجب، وُثّقت بعض حالات الغش باستخدام التكنولوجي (دليل إضافي على أن القطع ليس الحل الحاسم) .
- تعتبره رد فعل على فضيحة تسريب أسئلة الامتحانات عام 2016،ما دفع الحكومة إلى اللجوء للحجب كأداة وقائية أثبتت السلطات أنها "ضرورية" لـلحفاظ على نزاهة الامتحان.
-وزارة التربية تعتبر أن قطع الإنترنت يقلص "فرص نشر مواضيع زائفة أو مشبوهة" عبر القنوات الرقمية خلال منازعة الباكالوريا .
-يُقال أن الحجب المسبق والمُركّز يمنع الطلبة من التواصل خارجيًا، خصوصًا عبر وسائل التواصل الفوريّة (واتساب، فيسبوك، إنستغرام)، التي يُستخدم بعضها لتسريب المواضيع .
تأثيراتها السلبية...
اقتصاد رقمي وقطاع الأعمال
-تعطُل عمل الشركات التي تعتمد على الإنترنت في التواصل والتجارة، وتراجع عائدات قطاع التسويق الرقمي.
-أصحاب الأكشاك والمقاولات الصغيرة ستطالب بتعويض للخسائر خلال أيام الانقطاع .
الصحافة وصانعي المحتوى
-تعطّل نشر الأخبار والتقارير، خاصة على مواقع التواصل الإجتماعي .
-يمنع استخدام VPN بعد قوانين 2019، مما فاقم من مشاكل الوصول للعمل .
حقوق الإنسان والحرية الرقمية
تُعتبر الممارسة انتهاكًا لقوانين حقوق الإنسان الدولية، حيث قطع الإنترنت هو ميزة قمعية تطال المئات .
حلول تقنية بديلة لقطع الإنترنت أثناء الامتحانات:
هناك حلول تقنية بديلة تمنع الغش في الامتحانات دون الحاجة إلى قطع الإنترنت كليًا، وتعتمد بشكل كبير على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وأنظمة المراقبة الذكية، و من بين هذه الحلول:
نماذج مختلفة للاختبار: تقديم نسخ متنوعة من الامتحان أو تغيير ترتيب الأسئلة، ما يصعّب تبادل الإجابات بين الطلاب.
توقيت زمني لكل سؤال: تحديد مدة محددة للإجابة على كل سؤال، ما يقلل فرص الغش أو البحث عبر الإنترنت.
مراقبة سلوك الطالب بالكاميرا: أنظمة ذكاء اصطناعي تتابع حركات الوجه والعين والسلوك العام لاكتشاف أي تصرف مشبوه.
كشف الأصوات في الخلفية: تحليل الصوت المحيط لاكتشاف وجود شخص يساعد أو يملي الإجابات.
استخدام متصفح آمن: يمنع الطالب من فتح تطبيقات أو نوافذ أخرى أثناء أداء الاختبار الإلكتروني.
التحقق البيومتري من الهوية: تقنيات مثل التعرف على الوجه أو بصمات الأصابع للتأكد من أن الطالب هو من يجتاز الامتحان.
برامج مراقبة ذكية: مثل ProctorU وExamity تتيح رقابة مباشرة على الطالب من خلال الكاميرا وتحلل سلوكه عبر الذكاء الاصطناعي.
كشف الانتحال: أنظمة متقدمة تكشف السرقة الأدبية أو محاولة تقديم إجابات منقولة.
دمج التربية بالتكنولوجيا: التوعية الأخلاقية بأهمية النزاهة التعليمية جنبًا إلى جنب مع استخدام التكنولوجيا.
و في الأخير نستنتج أن ظاهرة قطع الإنترنت خلال أيام البكالوريا في الجزائر أصبحت روتينًا مر عامًا بعد عام، لكنها باتت تواجه رفضًا متزايدًا من المجتمع المدني والاقتصادي، يؤكد الواقع أن هذه الإجراءات لا تمنع الغش كما يدّعي القائمون، بل تضر بعيش المواطن وتأخير التطور الرقمي للبلاد.
و يبقى السؤال مطروح : إلى متى ستستمر هذه السياسات غير الفعالة؟ ومتى ستنتقل الجزائر إلى حلول تقنية ذكية، متى يستم ضمان استمرار الإنترنت لباقي القطاعات والخدمات؟
"الحلول موجودة، لكنها تحتاج إرادة سياسية مطابقة لتطلعات الناس والمجتمع الرقمي"