ذكرى استشهاد أحمد زبانة…أول جزائري يُنفذ فيه حكم الإعدام بالمقصلة خلال الثورة

تحلّ اليوم الخميس 19 جوان 2025 ، ذكرى استشهاد البطل أحمد زبانة، الذي تم اعدامه بالمقصلة من طرف الاستعمار الفرنسي يوم 19 جوان 1956، وبقي تاريخ إعدامه خالداً في ذاكرة الأجيال، وشاهداً على رحيل رمز من رموز التضحية والبطولة اللذين نالوا شرف غرس الثورة في الأفئدة والنفوس بتقدمهم صفوف من وهبوا حياتهم فداءً للحرية والكرامة والسيادة التي ننعم بها اليوم.
أحمد زبانة، واسمه الحقيقي أحمد زهانة، أحد أبطال وشهداء ثورة التحرير الجزائرية، وُلد سنة 1926 في بلدة زهانة بولاية معسكر، على بُعد 32 كيلومترًا من مدينة وهران، و يُعد أول جزائري يُنفذ فيه حكم الإعدام بالمقصلة خلال الثورة التحريرية، وقد تم ذلك في سجن سركاجي.
نشأ في كنف أسرة كبيرة تتكون من تسعة أطفال، وكان هو الأصغر بينهم.
كان والده فلاحًا بسيطًا، لكن الاستعمار الفرنسي صادر أرضه كما فعل مع آلاف الجزائريين.
وعندما بلغ أحمد عامه الثاني، اضطرت العائلة إلى مغادرة قريتهم “جنان مسكين” والاستقرار في مدينة وهران.
نشأ الشهيد أحمد زبانة في حي الحمري الشعبي بمدينة وهران، حيث تأثر في وقت مبكر بالكشافة الإسلامية الجزائرية التي غرست في نفسه حب الوطن والاعتزاز بالهوية.
وبسبب سياسات التمييز والإقصاء التي كانت تمارسها الإدارة الاستعمارية الفرنسية، تم طرده من المدرسة الابتدائية، فاختار التوجه إلى التكوين المهني، حيث تعلّم حرفة اللحام ومارسها لاحقًا لكسب قوته بكرامة.
و في عام 1947، التحق بالمنظمة الخاصة، وهي الجناح السري المسلح لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وساهم في تأسيس خلايا سرية في مناطق القعدة ومعسكر. وكان من بين المشاركين في الهجوم الجريء على مركز البريد بوهران في 5 أفريل 1949، و هذا ما أدى إلى اعتقاله في ماي 1950، ومحاكمته بالسجن ثلاث سنوات والنفي.
مع اندلاع الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر 1954، كان أحمد زبانة في طليعة المنخرطين في الكفاح المسلح، حيث قاد عملية نوعية في غابة لاماردو على طريق سيق، وأبدى شجاعة استثنائية في معركة غار بوجليدة يوم 8 نوفمبر، حيث أصيب خلال الاشتباك وأُلقي عليه القبض.
نُقل إثر ذلك إلى المستشفى، ثم إلى سجون عسكرية في وهران قبل أن يُحول إلى سجن بربروس (سركاجي) بالعاصمة، وهناك صدر في حقه حكم بالإعدام.
و في فجر يوم 19 يونيو 1956، خطا أحمد زبانة بثبات إلى المقصلة في سجن بربروس، وهو يردد بكل فخر:
“إني مسرور جدًا أن أكون أول جزائري يصعد على هذه الآلة… بوجودنا وبغيرنا تعيش الجزائر حرة مستقلة.”
وبالرغم من تعطل المقصلة في محاولتين متتاليتين، واجه نهايته ببسالة، مرددًا آخر كلماته: “أموت وتحيا الجزائر.”
وقبيل تنفيذ حكم الإعدام، كتب رسالة وداع مؤثرة لعائلته، عبّر فيها عن فخره بالشهادة، داعيًا ذويه إلى عدم الحزن، بل إلى الافتخار بمصيره الذي اعتبره بوابة الخلود في سبيل حرية الوطن.