الجزائر تدعو مجلس الأمن لوقف استباحة دماء المدنيين في غزة وتدين تلاعب الاحتلال بالمساعدات

في مواجهة الصمت الدولي المتزايد، دعت الجزائر مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الجمعة 27 جوان، لعقد اجتماع طارئ خصص لمناقشة الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، حيث يواصل الاحتلال استهداف المدنيين العزل و عرقلة دخول المساعدات، مستغلا انشغال العالم بالتوترات بين إيران و الكيان الصهيوني لتصعيد اعتداءاته.
السفير عمار بن جامع، ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، حرص خلال مداخلته على إظهار الحقيقة كما هي، دون تزييف أو مواربة، حيث أشار إلى الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال منذ بداية الشهر الجاري، مؤكدا أن المئات من الفلسطينيين قتلوا قرب مواقع توزيع المساعدات التابعة لما يسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، الذراع الإنساني المزعوم للاحتلال، و التي تحولت إلى مواقع موت جماعي تحت أنظار المجتمع الدولي.
بحلول 25 جوان الجاري، كشف بن جامع أن عدد الضحايا وصل إلى 549 قتيلا، فيما تخطى عدد الجرحى 4066، و هو رقم يعكس فداحة الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الذين يبحثون عن لقمة العيش في ظل الحصار الخانق.
و أكد بن جامع أن هذه الجرائم لم تكن نتيجة “أخطاء عشوائية”، بل سياسة ممنهجة و إجراءات متعمدة، مستشهدا بمقاطع فيديو وثقت استهداف المدنيين أثناء انتظار المساعدات، و أشار إلى أن الحقائق بدأت تتكشف تدريجيا بعد أن كشفت بعض وسائل الإعلام عن أوامر صادرة للجنود بإطلاق النار على المدنيين الباحثين عن المساعدة.
و في سياق متصل، أدان ممثل الجزائر تذرع الاحتلال المستمر بفتح “تحقيقات داخلية” عقب ارتكاب مجازره، مؤكدا أن هذا المسار لا يمكن قبوله كذريعة للتهرب من المسؤولية، و استشهد بحادثة استشهاد 15 مسعفا و عاملا شبه طبي من الهلال الأحمر الفلسطيني يوم 25 مارس، و هي الحادثة التي حاول الاحتلال تبريرها قبل أن تفضحها تسجيلات الفيديو المنتشرة على نطاق واسع.
كما لم يغب صوت العاملين في المجال الإنساني عن جلسة مجلس الأمن، حيث نقل بن جامع تأكيدهم على رفض محاولات تقليل الخسائر بين المدنيين، مستشهدا بكلمة الأمين العام للأمم المتحدة التي قال فيها إن “البحث عن الغذاء لا يجب أن يعد حكما بالإعدام”، في إشارة واضحة إلى جريمة استهداف الفلسطينيين أثناء بحثهم عن المساعدات.
و أوضح بن جامع أن استئناف إدخال المساعدات إلى غزة، و إن تحقق جزئيا، لا يمثل سوى “قطرة في محيط” المأساة المستمرة، محذرا من إصرار الاحتلال على إغلاق المعابر نحو شمال القطاع، و استخدام مراكز توزيع المساعدات في الجنوب كمصائد موت، في مؤشر خطير على تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز و دفع الفلسطينيين إلى النزوح القسري، في إطار مشروع تطهير عرقي ممنهج.
و في ختام كلمته، دعا ممثل الجزائر إلى ضرورة احترام قواعد القانون الإنساني الدولي، و اعتبر ضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق و حماية أرواح المدنيين مسؤولية أساسية تقع على عاتق مجلس الأمن، في وقت لم يعد الصمت مقبولا أمام الجرائم التي ترتكب يوميا بحق الشعب الفلسطيني.