تدوينة | رهان احتياطات الذهب في الجزائر

تُدرج احتياطيات الذهب في حسابات بنك الجزائر على غرار جميع دول العالم، و وفقًا لأحدث الإحصائيات، فإن بلادنا تمتلك مخزونًا من الذهب يبلغ 173.56 طنًا، و هذا ما يجعلها في صدارة الدول الأفريقية.
و تشكل هذه الكمية جزءًا من أصول البنك المركزي (إلى جانب العملات الأجنبية) ، وتشكل الضمان النهائي للبلاد مقابل التزاماتها النقدية والمالية مع بقية العالم، و لطالما اعتُبر الذهب ملاذًا آمنًا لمواجهة التقلبات الاقتصادية والمالية التي تواجهها الدول وكذلك الأسر.
و بالرغم من أن الذهب لا يدر فوائد بالمعنى الدقيق، إلا أنه يحافظ على قيمة هذا الأصل، وهذا أمر مهم، لأن أسعار الذهب في السوق (لندن) شهدت تاريخيًا اتجاهًا تصاعديًا، حيث يبلغ سعر الأونصة الذهبية اليوم حوالي 3300 دولار للأونصة الذهبية الصافية.
قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، اجتمع مؤتمر دولي في الولايات المتحدة بولاية نيوهامبشير، حيث تم توقيع العودة إلى نظام معيار تبادل الذهب (Gold Exchange Standard) والتخلي عن نظام معيار الذهب (Gold Standard) الذي تم تطبيقه خلال مؤتمر جنوة عام 1922.
و أعطت اتفاقيات بريتون وودز للولايات المتحدة امتيازا نقديا وماليا فريدًا غيّر الاقتصاد العالمي،و بموجب هذه الاتفاقيات، أصبح الدولار الأمريكي هو العملة الدولية للمعاملات والاحتياطيات ووحدة الحساب على مستوى العالم.
كما تم تحديد سعر الدولار عند 38 دولارًا للأونصة الذهبية الصافية، وأصبح الدولار يهيمن (الإمبريالية النقدية) على النظام النقدي العالمي ويُفرض في احتياطيات العملات الأجنبية لجميع البنوك المركزية.
و نظرًا لأن النظام القديم كان عتيقًا، فقد فرض نظام معيار تبادل الذهب نفسه حتى اليوم، و يسمح هذا النظام للولايات المتحدة بطباعة الدولارات بلا حدود، دون مخاطر تضخمية، طالما تم احترام قابلية تحويل الدولار إلى الذهب.
و استمر هذا حتى عام 1971، عندما قرر الرئيس ريتشارد نيكسون تعليق قابلية تحويل الدولار الأمريكي إلى الذهب كما تم تحديدها في عام 1944،تبع ذلك سلسلة من تخفيضات قيمة الدولار الأمريكي التي أثرت على جميع اقتصادات العالم.
منذ هذا "النهب النقدي" الحقيقي، تبنت البنوك المركزية نظاما مختلطا حيث لم يعد الدولار هو العملة الأكثر هيمنة في احتياطيات العملات الأجنبية (ظهرت عملات أخرى)، بل أصبح الذهب أيضا جزءا من الاحتياطيات كوسيلة للحماية من عدم استقرار الدولار الأمريكي.
و تتزايد هذه الاتجاهات مع مجموعة دول البريكس+ التي تسعى إلى الإطاحة بالدولار الأمريكي كعملة دولية للمعاملات والاحتياطيات.
هذا التغيير المنتظر ليس اليوم، لكن هناك إرادة سياسية، ويجب فقط إيجاد توافقات لتنفيذ النظام النقدي الدولي الجديد. في الوقت الراهن، يلعب الذهب دورًا متزايد الأهمية في الاقتصاد العالمي.