رفع التحفظ عن “سيداو في الجزائر”…بين خطوة نحو المساواة وزوبعة في المجتمع

تهدف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المعروفة باسم "سيداو"، إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في مختلف الحقوق، بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد اعتمدت هذه المعاهدة الدولية من قبل الأمم المتحدة سنة 1979.
و كانت قد صادقت الجزائر على الاتفاقية في عام 1996، لكنها أبدت تحفظات على بعض المواد التي رأت أنها تتعارض مع أحكام قانون الأسرة الجزائري.
و في شهر أوت 2025، رفعت الجزائر رسميا تحفظها عن الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية "سيداو"، التي تمنح المرأة الحقوق نفسها للرجل في حرية التنقل واختيار محل السكن والإقامة.
و جاء هذا القرار في سياق التزامات الجزائر الدولية بمجال حقوق الإنسان، حيث تم إصدار مرسوم رئاسي يحمل توقيع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تحت رقم 25-218 بتاريخ 10 صفر 1447 هـ الموافق لـ 4 أوت 2025، يقضي برفع تحفظ الجزائر على الفقرة 4 من المادة 15 من اتفاقية "سيداو".
وينص المرسوم، الذي نُشر في العدد 55 من الجريدة الرسمية، على إلغاء التحفظ الذي كانت الجزائر قد أبدته عند انضمامها إلى الاتفاقية، بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96-51 الصادر في 22 جانفي 1996.
و يعني هذا التعديل بإلتزام الجزائر رسميا بأن تضمن للمرأة حقها الكامل في حرية التنقل واختيار مكان السكن على قدم المساواة مع الرجل، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو تعزيز حقوق المرأة في البلاد،و الإعتراف باستقلالية المرأة وكرامتها.
كما يشير إلى إمكانية إعادة النظر في قانون الأسرة الجزائري لتعديل أحكامه بما يتوافق مع هذا الالتزام وتكريس مبدأ المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء في المجال القانوني والاجتماعي.
كانت ردة فعلهم مختلطة بين الترحيب والرفض حيث بعض الفئات، خاصة التيارات النسوية ، اعتبرت القرار خطوة إيجابية نحو تعزيز حقوق المرأة وتحقيق المساواة في المجتمع.
و بالمقابل، عبرت قوى اجتماعية و سياسية ، مثل حركة مجتمع السلم و التجمع الوطني الديمقراطي، عن استغرابها وتحفظها، معتبرة أن القرار قد يهدد استقرار الأسرة ويناقض الخصوصية الثقافية للجزائر.
حيث أعربت عن قلقها من أن يكون القرار سياسيا بدون مشاورات برلمانية كافية، مما يثير جدلا حول مشروعية وسير الإجراءات القانونية المتبعة.
وبينما اعتبر البعض أن القانون الجزائري لا يقيّد حرية المرأة في التنقل، إلا أن النقاش مازال مستمرا في الشارع الجزائري بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه.
بدأ الجدل عقب الإعلان الرسمي عن رفع التحفظ على الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيدوا ، لعدة أسباب رئيسية مرتبطة بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية للبلاد:
باختصار، يُجسّد الجدل حول رفع التحفظ عن اتفاقية "سيداو" صراعًا بين المحافظة على الهوية الثقافية الجزائرية من جهة، والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق المرأة من جهة أخرى، وهو نقاش لا يعكس فقط خلافا قانونيا أو دينيا، بل يعبر عن تحولات اجتماعية وسياسية أعمق تشهدها الجزائر في مسارها نحو التحديث والمساواة.