الطاقات المتجددة : الجزائر تراهن على الهيدروجين الأخضر لتعزيز انتقالها الطاقوي

عدة ملفات حيوية كانت محور اجتماع مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يوم أمس الأحد 23 فيفري، حيث تم التطرق إلى قضايا تتعلق بإعادة تشغيل المصانع المتوقفة، تعزيز الأمن الغذائي، الاستثمار في الطاقات المتجددة، تحسين الخدمات الرقمية، و دعم النقل البحري، إلى جانب دراسة إمكانية رفع المنحة الجامعية. الاجتماع شهد اتخاذ قرارات جوهرية تهدف إلى تسريع تنفيذ المشاريع الإستراتيجية و تعزيز الأداء الاقتصادي للبلاد.
وضمن جهود تعزيز قطاع الطاقة، فقد شدد رئيس الجمهورية خلال الاجتماع على أهمية الانتقال إلى مصادر طاقة مستدامة، خاصة الهيدروجين الأخضر، باعتباره خيارا إستراتيجيا لمستقبل البلاد. كما أكد على ضرورة ضبط و ترشيد الاستهلاك الداخلي للغاز و المنتجات النفطية، مشيرا إلى أن تطوير الطاقات النظيفة أصبح ضرورة ملحة لمواكبة التحولات العالمية في مجال الطاقة.
و في هذا السياق، وجه الرئيس بتسريع إعداد دراسات معمقة حول آليات الاستغلال الأمثل للموارد الطاقوية، مع التركيز على تطوير إستراتيجية واضحة لاستغلال إمكانيات الجزائر في مجال الهيدروجين الأخضر و الطاقة الشمسية.
تراهن الجزائر على إمكانياتها الطبيعية الكبيرة، من طاقة شمسية و رياح، لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر باعتباره خيارا استراتيجيا يضمن أمنها الطاقوي و يفتح لها آفاقا اقتصادية جديدة. كما تعمل البلاد على إقامة شراكات مع كبرى الشركات الدولية المتخصصة في تقنيات الهيدروجين، مستفيدة من بنيتها التحتية الحالية، و خاصة شبكة أنابيب الغاز، لتسهيل إنتاج و تصدير هذه الطاقة النظيفة.
في هذا الإطار، أبرمت الجزائر في فيفري 2024 اتفاقا مع ألمانيا لإنشاء فريق مشترك في مجال الهيدروجين، و توريد شحنات من الوقود الأخضر إلى السوق الألمانية. و أعرب وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، عن رغبة بلاده في تعزيز هذه الشراكة عبر زيادة الاستثمارات في الطاقة الشمسية و طاقة الرياح لدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر، مؤكدا استعداد ألمانيا و الاتحاد الأوروبي لشراء الهيدروجين الجزائري، خاصة في القطاعات الصناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل صناعة الصلب.
تأتي هذه الخطوات في وقت تحولت فيه أوروبا إلى سوق استراتيجي للهيدروجين الأخضر، خاصة بعد أزمة الطاقة التي كشفت عن هشاشة اعتمادها على الغاز الروسي. دول مثل ألمانيا وضعت خططا طموحة لاستيراد الهيدروجين من شمال إفريقيا، و هو ما يفتح الباب أمام الجزائر لتعزيز موقعها كمزود رئيسي لهذه المادة الحيوية.
ضمن هذه الديناميكية، أعلنت الجزائر في مارس 2023 عن استراتيجيتها الوطنية للهيدروجين، التي تستهدف إنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأخضر بين عامي 2030 و 2040، ما يعادل 10% من الطلب المتوقع في أوروبا. ووفقا للتقديرات، يمكن أن تصل عائدات هذا القطاع إلى 10 مليارات دولار سنويا بحلول 2040.
و يعكس اللقاء الأخير بين كاتب الدولة المكلف بالطاقات المتجددة و الرئيس المدير العام لشركة "كوليرجي" الإسبانية رغبة الجزائر في الاستفادة من الخبرة الأجنبية لتطوير تقنياتها، خاصة فيما يتعلق بتسييل الهيدروجين و نقله عبر البنية التحتية القائمة. غير أن هذا التوجه يواجه تحديات مرتبطة بارتفاع تكاليف الإنتاج و ضرورة تطوير تكنولوجيا أكثر كفاءة.
ويرى الخبراء أن دعم البحث العلمي و الاستثمار في الابتكار يظلان عاملين أساسيين لخفض التكاليف و تعزيز القدرة التنافسية للجزائر في سوق الهيدروجين الأخضر على المستوى الدولي.