ندوة علمية تؤكد ثراء الجزائر بالهيدروجين الأبيض و تفتح نقاشا حول استغلاله المستدام

الجزائر برهنت اليوم مرة أخرى على موقعها الاستراتيجي في مجال الطاقات المتجددة من خلال احتضانها لاحتياطيات هائلة من الهيدروجين الأبيض، تلك الثروة الطبيعية المتنوعة التي لا تقتصر على نوع واحد بل تشمل عدة أصناف ذات أصول جيولوجية مختلفة.
في ندوة علمية نظمتها الأكاديمية الجزائرية للعلوم و التكنولوجيات بالعاصمة أمس 27 ماي، قدم الخبير الجيولوجي نصر الدين كازي تاني عرضا معمقا عن هذه الإمكانيات، مشيرا إلى أن الجزائر تمتلك أنواعا متعددة من الهيدروجين الأبيض، تتراوح بين الهيدروجين الناتج عن التفاعلات الكيميائية داخل المعادن، خصوصا الحديد، و الهيدروجين المتولد بفعل النشاط الإشعاعي في الطبقات العميقة للأرض، بالإضافة إلى الهيدروجين المتشكل عبر تحولات الصخور البركانية.
هذه الموارد التي تقدر احتياطياتها بين 4 إلى 5 مليارات طن لكل نوع، لا تقتصر جغرافيا على المناطق الصحراوية بل تمتد أيضا إلى شمال البلاد، ما يعكس التنوع الواسع لهذه الثروة في مختلف البنى التحتية الجيولوجية للجزائر.
و أكد الخبير خلال الندوة أن هذه الكميات الهائلة من الهيدروجين الأبيض تضع الجزائر في مقدمة الدول المرشحة لأن تلعب دورا محوريا في مستقبل الطاقة النظيفة عالميا، لا سيما مع انخفاض تكلفة إنتاج هذا المصدر مقارنة بالهيدروجين الأخضر، ما يجعله خيارا اقتصاديا و استراتيجيا واعدا.
كما شهدت الندوة نقاشات موسعة حول تقنيات الاستكشاف الحديثة و سبل استغلال هذا المورد بما يتماشى مع سياسات الأمن الطاقوي و التنمية المستدامة. فيما أكد رئيس الأكاديمية هشام قارة أن مثل هذه الفعاليات تندرج ضمن جهود الأكاديمية لنشر الثقافة العلمية و دعم البحث في مجالات الطاقات المتجددة، ما يبرز التزام الجزائر بخطى ثابتة نحو التحول الطاقوي و الاقتصادي المستقبلي.
للإشارة، و ضمن هذه الديناميكية، أعلنت الجزائر في مارس 2023 عن استراتيجيتها الوطنية للهيدروجين الأخضر، التي تستهدف إنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأخضر بين عامي 2030 و 2040، ما يعادل 10% من الطلب المتوقع في أوروبا. و وفقا للتقديرات، يمكن أن تصل عائدات هذا القطاع إلى 10 مليارات دولار سنويا بحلول 2040.